تونس-افريكان مانجر
لم يستبعد المتابعون للشأن السياسي التونسي إمكانية تأسيس حزب جديد من “رحم النهضة” يقوم على أفكار و مبادئ تنظيم الإخوان المسلمين.و كانت إحدى الصحف المحلية (آخر خبر) أوردت اليوم الثلاثاء 3 ديسمبر 2013 خبرا مفاده أنّ النواب المنسحبين من حركة النهضة بصدد التأسيس لتيار الإخوان المسلمين في تونس و قد قطعوا في ذلك أشواطا كبيرة حيث تم الاتفاق على أمينه العام.
و بقطع النظر عن مدى نجاح مشروع الإخوان المسلمين في تونس من عدمه فقد اتفقت الآراء على أنّ إمكانية تأسيسه واردة جدّا خاصة إذا علمنا أن ّ بعض الدوّل تدعم هذا التنظيم ماديا على غرار تركيا وقطر بالأساس.
إسلامية بروح تونسية
تنظيم الإخوان المسلمون هو جماعة إسلامية، وتُعتبر أكبر حركة معارضة سياسية في كثير من الدول العربية، أسسها حسن البنا في مصر في مارس عام 1928 وسرعان ما انتشر فكر هذه الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولاً إسلامية وغير إسلامية.
و طبقاً لمواثيق الجماعة فإن “الإخوان المسلمين” يهدفون إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل.و تاريخيا تمثل حركة النهضة تيار الإخوان المسلمين في تونس و يرجع تاريخها إلى أواخر الستينات تحت اسم الاتجاه الاسلامي.
و يرى البعض من المراقبين و من أعضاء الحركة أنّ النهضة حادت عن مبادئ التنظيم الإخواني و أصبحت تُقدم نفسها على أساس أنّها حركة إسلامية بروح تونسية. و قد شهدت حركة النهضة منذ اعتلائها سدّة الحكم في تونس عدة استقالات منها عضو مجلس الشورى عمر أولاد أحمد و رئيس مكتب الإعلام للحركة نجيب الغربي و استقالة عدد من الأعضاء بالمكاتب الجهوية و آخرها استقالة عضو مجلس الشورى رياض الشعيبي الذي ذكر مؤخرا أن الحركة انزاحت عن مطالب الثورة ، مُؤكدا أن “حركة النهضة إذا ما عدلت عن مواقفها السياسية وخياراتها الأخيرة فقد يؤدي ذلك إلى استقالة عدد هام من قياداتها.
حزب من”رحم النهضة”
و بحسب تسريبات خاصة فإنّ النهضة تواجه حاليا صدامات داخلية و اختلافات حادة في الآراء مختلفة بين قيادي الحركة،و في ظلّ هذه الوضعية قال المُؤرخ فيصل الشريف ل”افريكان مانجر” إنّه من الممكن جدا تأسيس حزب”إخواني” من”رحم” النهضة خلال الفترة القليلة القادمة .
و أشار محدثنا أنّ عدة دول تدعم هذا التنظيم و أبرزها تركيا وقطر خاصة و أن حزب النهضة منقسم إلى شقين،شقّ يحمل فكر جماعة تنظيم الإخوان المسلمين وفكر يدعو إلى العمل السياسي لا غير.
و في رد على سؤال يتعلق بمدى حظوظ هذا التنظيم خاصة في ظلّ الفشل الذريع لتجربة حكم الإخوان في مصر، قال فيصل الشريف إن تونس تختلف عن مصر و هي بمنأى عن التجاذبات الدولية على خلاف مصر التي تواجه ضغوطا من إسرائيل ،كما بيّن أنّ المؤسسة العسكرية في تونس مُحايدة و لا تتدخل في الشأن السياسي.
من جانبه قال الناشط السياسي و القيادي السابق في حزب حركة النهضة خالد شوكات إنّ الحركة تشهد حاليا نقاش حادّ حول مرجعيتها العامة،مُضيفا أنّ النهضة اعتمدت في الحفاظ على وحدتها على القيادات التاريخية و لم تعتمد على المرجعية الفكرية الأمر الذي يُؤكد إمكانية حدوث استقالات أخرى. و هو بذلك لا يستبعد قيام حزب ينتمي لتيار الإخوان المسلمين.
لمصلحة النهضة
من الناحية القانونية فإنّه لا شيء يمنع من تأسيس حزب سياسي على أساس ديني مثلما ذكرت المحللة السياسية سلوى الشرفي،مشيرة إلى أن ظاهرة الانشقاقات و تكوين أحزاب جديدة أصبحت من المسائل المألوفة في تونس.و قد استبعدت محدثتنا نجاح الحزب الاخواني و تبقى حظوظه ضعيفة جدا بالنظر إلى الفشل اذي مُني به الحزب الإخواني في مصر.
و في المقابل اعتبرت سلوى الشرفي أن تأسيس حزب إخواني سيخدم مصلحة النهضة، وحتى تقول لمنتقديها و لمن صرحوا بأنهم فقدوا ثقتهم في النهضة إنها لا تسعى إلى تغيير نمط عيش التونسي أو محاولة التأسيس لدولة إسلامية و الدليل على ذلك تأسيس حزب إخواني.
و في سياق متصل أفادت المحللة السياسية أن النهضة كثيرا ما تعتمد على ازدواجية الخطاب الأمر الذي دفع بالعديد من أعضائها إلى تقديم استقالاتهم.
الاستقالات رهينة الحوار الوطني
و في انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة بخصوص تأسيس حزب إخواني من عدمه، فإنّ الآونة الأخير شهدت مثلما سبق و قلنا خروج العديد من قيادات الحركة عن المألوف،فبعد أن صرّح عضو مجلس الشورى المستقيل رياض الشعيبي بأنه لا يستبعد اللجوء إلى خطوات أخرى من بينها طرح مبادرات سياسية دون أن يشير إلى نوع تلك الخطوات أو طبيعته،. وجه أيضا القيادي لطفي زيتون انتقادات حادة للائتلاف الحاكم الذي تقوده الحركة، وكتب على صفحته الخاصة على الفايس بوك قائلا “حكومة تستعد للاستقالة تحت ضغط الواقع الذاتي والموضوعي الذي يتسم بعدم الاستقرار السياسي وفى أوضاع اقتصادية صعبة جدا، دفعت لتقديم مشروع قانون مالية هو الأكثر قسوة واستهدافا للطبقة الوسطى والرأسمالية الوطنية”.
هذه التصريحات وغيرها تُؤكد أن حركة النهضة تعيش ضغوطات داخلية من بعض القيادات التي هي الآن بانتظار نتيجة المفاوضات الجارية بشان الحوار الوطني لتُقرر مواصلتها المشوار مع الحركة من عدمه.
بسمة المعلاوي