تونس- افريكان مانجر
انتشرت مؤخّرا ظاهرة البنوك الموازية في الأحياء والمدن،وقد رصد “افريكان مانجر” بعض الحالات لأشخاص تعمدوا العمل تحت إطار غير قانوني كبنوك وذلك بإقراض مواطنين مبالغ ماليّة مختلفة حسب طلبهم بنسبة فائدة تصل احيانا الى 100 بالمائة، حيث يفرض هؤلاء الأشخاص مضاعفة المبلغ عند تسديده على أقساط ويتّخذون من ″الكمبيالات″ و″الشّيكات″ ضمانات.
والخطير اليوم في الموضوع أنّ هذه الممارسات اللّامشروعة تحوّلت من الأحياء والمدن لتتركّز خاصّة بالمصانع والشّركات.
مبالغ صغيرة… فوائد كبيرة
وزارة المالية دعت مؤخرا المواطنين بتوخي الحذر وتفادي التعامل مع الأطراف، التي تتعاطى انشطة مالية خارج المعاملات الرسمية سواء كان إقراضا بفوائد أو جمع ودائع أو غيره من الأنشطة المالية، وذلك حرصا على ضمان سلامة العمليات المالية للمواطنين.
وذكرت الوزارة في بلاغ لها أن قانون البنوك والمؤسسات المالية والتشريع المنظم لنشاط التمويل الصغير يخول حصريا للبنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات التمويل الصغير المرخص لها والخاضعة لكل من رقابة البنك المركزي التونسي وسلطة رقابة التمويل الصغير تعاطي الأنشطة المالية من عمليات ايداع وقروض.
ورغم التحذير الرسمي من وزارة المالية، فقد سجل “أفريكان مانجر” أكثر من حالة يقوم فيها بعض العملة بإستغلال الوضعيّة الماليّة المتدهورة لزملائهم وإقراضهم مبالغ بسيطة بفوائض مرتفعة.
تدهور القدرة الشرائية
ظاهرة مرتبطة اساسا بتدهور المقدرة الشّرائيّة.
وفسّر بعض الخبراء الإقتصاديين إنتشار هذه الظّاهرة بتدهور المقدرة الشّرائيّة للمستهلك التّونسي وتراكم الدّيون المتخلّدة بذمّته وإرتفاع الأسعار وتواصل الأزمة الأقتصاديّة…
وتعتبر البنوك في تونس الجهة الوحيدة المخول لها قانونيا إسناد القروض للمواطنين سواء بالفائدة أو دونها ضمانا لتوازن المالية العمومية وفي إطار التصدي لللسوق المالية السوداء التي تضر بالإقتصاد الوطني.
كما يشار إلى أن القانون التونسي ينص على أن البنك المركزي هو الذي يتحكم في كمية العملة في البلاد، وتكون البنوك التجارية هي الوسيلة لجمع الأموال وتوزيعها على الإقتصاد وبالتالي فإن السيولة تمر عبر البنوك، وعدم مرور الأموال بهذه المراحل، ينجر عنه ما يـسمى بـ”السوق المالية السوداء أو الموازية” بمعنى أن العملة لا تمر عبر البنوك، فيكون لها سلك آخر لا تتحكم فيه هذه البنوك وإنما النشاط العشوائي، الشّيء الذي من شأنه أن يخل بالإقتصاد وتتأتى عنه نسبة فائدة مرتفعة، ويساهم في خلق الفوضى في القطاع المنظم.
“دولة موازية”
وفي هذا الإطار،أوضح الخبير الإقتصادي وجدي بن رجب في تصريح لأفريكان مانجر أنّ إنتشار هذه الظّاهرة يشجّع على تركيز دولة موازية، مبرزا أنّ تحوّل أشخاص إلى شركات مقرضة دون وجه حقّ ودون دفع آداءات وجباية من شأنه أن يغذّي الإقتصاد الموازي ويولّد المافيا داخل الدّولة، حيث تدفع مثل هذه الظّواهر إلى الجريمة وإلى إتّخاذ العنف والتّرهيب في مرحلة أولى وسيلة لتسديد الدّيون في صورة عجز المقترض على تسديد ديونه، لتتطوّر الأمور ويصبح القتل هو السّبيل الوحيد لعقاب للعاجز عن تسديد الدّين.
وبيّن بن رجب أنّ المقرضين بهذا الشّكل يستغلّون فقر المواطنين وحاجتهم إلى المال لتوفير حاجيّاتهم وحاجيات عائلاتهم، الشّيء الذي من شأنه أن يدفع المستهلك التّونسي إلى البحث عن حلول وقتيّة دون البحث عن مدى قانونيّتها ولا مدى شرعيّتها ولا مدى تأثيرها على ميزانيّته ولا على الإقتصاد صفة عامّة.
وأضاف نفس المصدر أنّ هذه الظّواهر الخطيرة التّي تغذّي الإقتصاد الموازي تشجّع على الجريمة وتخلّف دولة موازية، مشيرا إلى أنّ مثل هذه الظّواهر تذكّرنا بمنظومة موجودة في بعض الدّول التّي تنتج المافيا على غرار كلومبيا وغيرها من الدّول الأخرى.