تونس-افريكان مانجر
كثر الحديث عن الزيادة في الأجر الأدنى المضمون الفلاحي وغير الفلاحي “السميغ “و “السماغ” بعد الاعلان عن الزّيادة في أجور أعوان وإطارات الوظيفة العموميّة وبعد انطلاق المفاوضات الاجتماعيّة المتعلّقة بالقطاع الخاصّ،وقد أثار هذا الموضوع جدلا لدى المراقبين للشأن العام ولدى الخبراء الاقتصادين، حيث اعتبر البعض منهم أنّ هذه الزّيادة يمكن أن تعمّق عجز ميزانيّة الدّولة وتعمّق الأزمة الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، قال وجدي بن رجب الخبير الإقتصادي في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ الزيادة في الأجر الأدنى المضمون الفلاحي وغير الفلاحي “السميغ ” و”السماغ” من شأنها أن تؤثّر على ميزانيّة الدّولة وعلى الوضع الاقتصادي العامّ للبلاد، مبرزا أنّ الحلّ ليس في الزّيادة الأجور أو في ضخّ أموالا اضافيّة في الأسواق عبر طباعة مزيدا من الأوراق النّقديّة.
مشكل في الانتاجيّة
وأوضح مصدرنا أنّه عندما لا توجد آليّات تعديليّة، فإنّ ذلك يساعد على ارتفاع التّضخّم، مشيرا إلى أنّ بلادنا لديها مشكل الانتاجيّة وقد كشف تقرير دافوس الأخير أنّ تونس تحتلّ حاليّا المرتبة 92 مقابل المرتبة 33 سنة 2007 (كانت تونس في ترتيبها أفضل من اليونان والبرتغال)، مبيّنا أنّ القدرات التّنافسيّة كانت في المنوال الاقتصادي القديم ترتكز على السّلم الاجتماعي والاستقرار الأمني.
من جهة أخرى، بيّن نفس المصدر أنّ القدرة التّنافسيّة تتحسّن عندما تتحسّن الانتاجيّة، وعندما تتراجع الانتاجيّة أو تنعدم فإنّ القدرة التّنافسيّة تنعدم وتصبح الزيادة في الأجر الأدنى المضمون الفلاحي وغير الفلاحي “السميغ ” و”السماغ” من شأنها أن تؤثّر على سيرورة الشّركة واستمرار تواجدها في العجلة الاقتصاديّة.
ميزانيّة في وضعيّة حرجة
وأضاف الخبير الاقتصادي أنّ العمّال لديهم الحقّ في المطالبة بالزّيادة، لكن عندما تصبح الاضرابات مطلبيّة، والعمل مرتبط بشروط، فإنّ أيّ زيادة تؤثّر على ميزانيّة الدّولة وتضعها في وضعيّة حرجة، حيث أنّ حجم العجز سيرتفع وقيمة القروض ستزداد، مبيّنا أنّ الميزانيّة مبنيّة على توقّعات (سعر البيترول ونتائج الزّيادة في الأجور) وإذا كانت الأسعار والزّيادات مخالفة للتّوقّعات فإنّ الميزانيّة ستكون في وضعيّة حرجة.
وفي سياق متّصل، أفاد بن رجب أنّه منذ اندلاع ثورة 14 جانفي، انتهجت الحكومات المتعاقبة تقريبا أسهل الحلول للسيطرة على الوضع العامّ وذلك بالتّرفيع في الأجور أو بتوظيف آداءات وجباية جديدة على الأجراء أو بالتّرفيع في الآاءات القديمة، في الوقت الذي كان بإمكانها ايجاد حلول جذريّة مع المتهرّبين من الضّرائب واتّخاذ اجراءات صارمة وجريئة للقضاء على الأسواق الموازية.
قريبا الاعلان عن الزّيادة في السميغ والسماغ
ويذكر أنّ وزير الشؤون الاجتماعية أحمد عمار الينباعي أكّد أنه من المرجّح أن يقع الإعلان عن الزيادة في الأجر الأدنى المضمون الفلاحي وغير الفلاحي، السميغ والسماغ، خلال الأسبوع القادم، موضحاً ان الملف في اللمسات الأخيرة وسيتمّ الانتهاء منه في القريب العاجل ومبيناً ان قيمة الزيادة ستكون في مستوى زيادة 2014.
وأكد الينباعي، في حوار مع صحيفة المغرب في عددها الصادر اليوم الأحد 4 أكتوبر 2015، ان الزيادات التي تمّت في القطاع العام بعنوان 2016/2015 وفي المنح الخصوصية لـ3 سنوات من 2016 إلى 2018، مهمة جدّاً رغم كلفتها الكبيرة بـ1.8 مليار دينار باعتبار أنها ستوفر سلماً اجتماعياً لمدّة سنيتن بالنسبة للزيادة في الأجور، 2015 و2016، ولمدّة 3 سنوات، 2016 و2017 و2018 بالنسبة للمنح الخصوصية، على حدّ قوله.
وأوضح انه لن تكون هناك زيادة في الأجور لسنتين ولا في المنح الخصوصية لـ3 سنوات قائلاً انها مدّة كفيلة لتحسين الاستثمار في البلاد وإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني مع المجهودات التي تقوم بها الحكومة من ناحية توفير الاستقرار الأمني الذي تحسّن في الفترات الأخيرة والسلم الاجتماعي عبر التضحيات التي قدمتها الحكومة من ناحية الزيادات في الأجور رغم ان الميزانية في وضعية حرجة، حسب تعبيره، مضيفاً ان الحكومة وضعت في الحسبان التوصّل إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي الذي سيضمن عودة الاستثمار الاجتماعي وخلق مشاريع جديدة وتوفير مواطن الشغل.
ميزانية الدولة لم تعد تتحمّل أي انعكاس مالي جديد
وبيّن الوزير انه لم يقع تبويب قيمة الزيادات كلّها في ميزانية 2016 بل تمّ تقسيم الكلفة، جزء في ميزانية 2016 وجزء في ميزانية 2017 وجزء في ميزانية 2018 مشيراً إلى ان الجزء المدرج في ميزانيتي 2016 و2017 أثقل من 2018 باعتبار ان خلال هاتين السنتين سيتمّ صرف الزيادات في الأجور لسنة 2015 مع أقساط المنح الخصوصية في حين ان ميزانية 2018 ستقتصر فقط على قسط المنح الخصوصية مع التأكيد على انه لم يتمّ خلال تلك الفترة الاستجابة إلى أي مطالب يكون لها انعكاس مالي، وفق تأكيده.
وأردف الينباعي حديثه بالقول ان ميزانية الدولة لم تعد تتحمّل أي انعكاس مالي جديد لأي اتفاق، لافتاً في سياق متصل إلى ان مطلب المعلّمين بخصوص الترقيات الاستثنائية سيكون له انعكاس مالي كبير.
وأضاف انه تمّ تجاوز المطلبية الاجتماعية عبر الاتفاق الممضى مع الاتحاد العام التونسي للشغل وكافة الأعوان والموظفين سيتمتعون بالزيادة في الأجور والمنح الخصوصية ولا مجال حالياً للحديث عن أي مطلب سيكون له انعكاس مالي رغم ان الطرف النقابي كان قد طالب بتقسيم الكلفة المالية لمطالب الترقيات الاستثنائية على مراحل.
وأشار وزير الشؤون الاجتماعية إلى ان الحوار مازال متواصلاً في هذا الشأن رغم عدم انعقاد أي جلسة مع وزارة التربية معرباً عن استعداده للتدخل إذا طلب منه ذلك.