تونس-أفريكان مانجر
رغم أنّ قرار إعلان حالة الطوارئ مرّ عليه أكثر من أسبوع، إلاّ أنّه مازال إلى غاية اليوم يثير كثيرا من الجدل، وقد أكّدت ليلى بحريّة القاضية المتقاعدة ورئيسة مرصد شاهد في تصريح لـ “أفريكان مانجر” أنّ هذا القرار فاجئ الجميع بما في ذلك الأحزاب المشاركة في الحكم وأثار تساؤلات وإشكالات عديدة لعل أهمها الإشكال الدستوري والخلفية السياسية للقرار وكذلك تداعياته على الحقوق والحريات.
وأضافت محدّثتنا أنّ بالنسبة للإشكال الدستوري فان الفصل 80 من الدستور يخول لرئيس الجمهورية اتخاذ مثل هذا القرار إذا ما توفرت شروط معينة مع احترام بعض الإجراءات وهذه الشروط هي وجود حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو امن البلاد واستقلالها يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة ويحتم الفصل المذكور جملة من الإجراءات تتمثل في استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية.
كما يقتضي الفصل المذكور حسب نفس المصدر انه بعد مضي ثلاثين يوما وفي كل وقت بعد ذلك يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب او ثلاثين من أعضائه البت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه وتصرح المحكمة بقرارها علانية في اجل أقصاه خمسة عشر يوما، وتساءلت بحريّة هل توفرت تلك الشروط وهل تم احترام إجراءات الفصل المذكور.
وفي جوابها عن سؤالها، قالت رئيسة مرصد شاهد: “اعتقد آن الوضع في البلاد لم يصل إلى حالة تعذر السير العادي لدواليب الدولة بل إن ما تتطلبه المرحلة هو وضع حد للانفلات الذي تعيشه البلاد على جميع الأصعدة منذ اندلاع الثورة وذلك بتطبيق القانون على الجميع ودون استثناء مع احترام الحقوق والحريات المضمونة دستوريا كما ينبغي مصارحة الشعب حول حقيقة التهديدات الإرهابية وعدم توظيف هذه التهديدات للالتفاف على الدستور والعودة تدريجيا إلى القمع والاستبداد ثم إنالأمر يتطلب حوارا وطنيا جادا وصريحا لوضع إستراتيجية لمجابهة الإرهاب ينخرط فيها الجميع وتسود الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة”.
من جهة أخرى بيّنت ليلى بحريّة أنّه من ناحية الإجراءات فان الإشكال الدستوري يتمثل في عدم إعلام رئيس المحكمة الدستورية واستحالة تعهدها بعد ثلاثين يوما للبت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه لسبب بسيط هو أن المحكمة الدستورية لم يقع تركيزها بعد ولا حتى المصادقة على القانون المحدث لها، مبرزة أنّه يبدو أن رئيس الجمهورية استبعد أحكام الدستور واستند لإعلان حالة الطوارئ على الأمر المؤرخ في 26 جانفي 1978 وهو ما يثير عديد المخاوف على الحريات على حدّ تعبيرها لارتباط الأمر المذكور بإحدى الصفحات السوداء من تاريخ تونس وهو أمر اتخذ لقمع الحريات النقابية وحرية الإعلام والتعبير وليس لمكافحة الإرهاب مثلما يسوق لقرار رئيس الجمهورية .
وختمت بحريّة حديثها بقولها ان المخاوف مشروعة من أن يكون إعلان حالة الطوارئ مطية للالتفاف على الحقوق والحريات التي كفلها الدستور وكانت من أهم مكاسب الثورة وغطاءا مقنعا لقمع التحركات الاجتماعية وعلى كل القوى الحية الانتباه والتصدي لهذه المحاولات التي يمكن ان تهدد الديمقراطية الناشئة.