تونس-افريكان مانجر
بكثير من الثقة كان كلام وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي و هو يتحدث عن القضاء عن 90 بالمائة من كتيبة عقبة ابن نافع ، ذلك الوريث التنظيمي للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ، و بكثير من التفاؤل تحدث عن تفكيك خلايا نائمة في عديد المناطق من الشمال إلى الجنوب معرجا على عنصر هام و هو استعادة المؤسسة الأمنية بجميع تشكيلاتها إلى الجاهزية التي تخولها خوض معركة الإرهاب بكل نجاعة.
لم تكن جملة النقاط التي أتى عليها الغرسلي سلبية على مستوى الخطاب و بعث الطمأنينة و لكنها لم تكن بالقدر الكافي لتبديد مستوى المخاوف و المعطيات الخطيرة التي تحوم حول تخوم البلاد في الضفة الجنوبية ، أو تلك الضفة التي تشتعل فيها وتيرة التهديدات من ميليشيات فجر ليبيا المحصنة بأكثر من 5 مليون قطعة سلاح حسب مؤشرات التقارير الدولية حول الوضع في ليبيا .
إن الكلام عن الإرهاب في تونس يحيل مباشرة إلى المناطق الحدودية ، و هي المناطق الرخوة اجتماعيا و المكتنزة لكل عناصر التشابك مع نسيج التهريب ، و هي مناطق أيضا تنطوي على أكبر قدر من الإحساس بالمظلومية و التهميش و الإقصاء ،و تمثل بذلك خزان سوسيولوجي لكل الاستقطابات نحو الجماعات المسلحة .
و إذا ركزنا التحليل على أصول الإرهابيين في تونس فإننا سنجدها من المناطق التي تحوي اكبر قدر من نقص البنية التحتية و من مظاهر التنمية العادلة وهي بالتالي تصبح مجال لتفريخ العناصر المتشددة بشكل متواصل .
إن القضاء على 90 بالمائة من كتيبة عقبة ابن نافع التي شكلت ذراع ممتد من تونس ( كتل النار من جبال الشعانبي و سمامة و السلوم و سيدي عيش و مغيلة و عرباطة ) إلى صحراء الجزائر وصولا إلى مالي تستوقفه النقاط التالية :
-إن المجال الذي تشتغل فيه الآلة الإرهابية هو مجال متحرك ، و لا يقتصر على فضاء بعينه ، بمعنى إن رواية 90 بالمائة هي رواية نسبية تخضع لقراءات داخلية فقط و لا يمكن الاطمئنان بشكل نهائي لها إذا علمنا إن هذه الجماعات مازالت محافظة على بنيتها النائمة من خلايا متعددة و مختصة مثلما أشار له وزير الداخلية .
– إن الوضع على الحدود الليبية مازال رخوا و لن نستعيد امن الحدود إلا إذا وقع استكمال بناء الجدار الذي سيوفر مناعة لقوات الأمن و الجيش المتمركزة على الحدود.
– إن التهديدات المتواصلة لميليشيات فجر ليبيا و أخرها البيان المنشور الذي يفيد بان قوات نالوت بدات تستعد على الحدود التونسية الليبية ، لا يبشر بان القادم سيكون سهلا ، خصوصا اذا علمنا ان هذه الجماعات لها القدرة على خوض حرب الميليشيات و التي تخضع لقانون خاص ، قد يصعب على الجيوش النظامية التعامل معه بالشكل الكافي .
و يبقى الحديث عن القضاء على 90 بالمائة من كتيبة عقبة بن نافع مغري إلى حد كبير و لكنه يصطدم أيضا بواقع ملئ بالأشواك المتناثرة و المخاطر المتراكمة تحتاج من الدولة الى حكمة في التصرف و عقلانية في التعامل مع الوضع المربك .